"المرأة الحديدية" تضرب عن الطعام منذ 12 عاما
"المرأة الحديدية" تضرب عن الطعام منذ 12 عاما
عندما يقوم شخص مشهور، مثل رئيسة الوزراء الأوكرانية السابقة يوليا تيموشينكو بإضراب عن الطعام، ينتشر أمره في جميع أنحاء العالم ، ولكن إيروم شارميلا تشانو، هي امرأة عادية من الهند، مضربة عن الطعام منذ الـ12 سنة الماضية لأجل قضية سياسية ولا يكاد أحداً يعلم بوجودها حتى.
بدأت إيروم شارميلا تشانو (28 عاماً) المعروفة أيضا باسم السيدة الحديدية في مانيبور بالهند، إضرابها عن الطعام في 4 نوفمبر من عام 2000 احتجاجاً على العنف العسكري الذي تمارسه قوات الأمن الخاصة المنتشرة منذ عام 1958 في مانيبور وغيرها من أجزاء الهند والقانون الذي يحول دون معاقبة أفراد الجيش على تجاوزاتهم.
ووفقا لتقرير لقناة "بي بي سي" فإن هذه القوات التي تعمل جنبا إلى جنب مع الجيش، تعمل على منع الاحتجاجات الشعبية أو الانخراط في أي نشاط ديمقراطي قانوني كما تقوم باحتجاز الأشخاص بطريقة عشوائية متهمة إياهم بالإرهاب أو "المشتبه بهم". ووفقا للأرقام الرسمية، قتل حوالي 25 ألف شخص في مانيبور وحدها، منذ دخول قانون تعيينهم حيز التنفيذ عام 1980. وفي ذلك الوقت، كانت هناك أربع فرق أمن فقط في المنطقة، ولكن عددها ارتفع في ايامنا هذه إلى 25 فرقة تابعة للجيش.
وانضمت شارميلا وهي شاعرة وناشطة، إلى حركة (AFSPA ) المناهضة قبل اسبوعين فقط من إعلان إضرابها عن الطعام كما تطوعت في ورش عمل ومناقشات من تنظيم منظمات مناهضة، للاستماع إلى قصص العنف على لسان الضحايا، فتأثرت شارميلا بقصة فتاة تعرضت للاغتصاب على أيدي قوات الأمن في قرية (لامدين).
وفي 1 نوفمبر 2000، قامت مجموعة من المتمردين بقصف ثكنة للجيش، ورد الجيش بقتل 10 مدنيين في محطة للحافلات في (مالوم)، ولم تتحمل الناشطة الشابة رؤية الدماء التي غطت الشارع في الحادثة التي تعرف حاليا في المنطقة باسم (مذبحة مالوم). فذهبت شارميلا لتطلب الإذن من والدتها لتقوم بشيء للدفاع على هذا الشعب المغلوب عليه، وفي الرابع من شهر نوفمبر، رجعت إلى موقع "حمام الدم"، وأعلنت عزمها على الصيام حتى الموت أو إلى حين سحب قوات الأمن المسلحة.
وبعد ثلاثة أيام فقط من إضرابها عن الطعام، ألقت الشرطة القبض على شارميلا بتهمة محاولة الانتحار، وهو أمر يعاقب عليه قانون العقوبات الهندي. وبدأت إدارة السجن بتغذيتها قسرياً عبر أنابيب الأنف وحبسها في مستشفى (جواهر لال نهرو) في (إمفال). ولأن العقوبة القصوى لـ "محاولة الانتحار" لا تتجاوز سنة واحدة، تم إطلاق سراح شارميلا، ولكن أعيد اعتقالها بعد يومين أو ثلاث لنفس التهمة ثم إطلاق سراحها بعد سنة واستمر الحال على هذا المنوال على مدى الـ12 عاماً الماضية.
ولم تتناول السيدة الحديدية لمانيبور شيئاً ولو حتى قطرة ماء منذ بدأت إضرابها عن الطعام قبل 12 عاماً، كما أنها لم تمشط شعرها ولم تنظر إلى نفسها في المرآة، وتقوم فقط بتنظيف أسنانها بقطعة من القطن الجاف. وعملت السلطات على تغذيتها قسريا عبر أنابيب الأنف لأكثر من عقد، ولكنها تحاول إزالة الأنابيب كلما سنحت لها الفرصة. ومن المعروف أن هذا النوع من النظام الغذائي عبر الأنف خاصة إذا كان لفترة طويلة، يؤثر سلباً على صحة الجسم، إذ ذكر الأطباء في تقرير لـ "البي بي سي" عام 2006 أن الصيام الطويل أثر على جسد شارميلا وأصبحت عظامها هشة إلى جانب تعرضها لمشاكل صحية أخرى.
وشارميلا ليست الوحيدة الخاسرة في إضرابها، إذ فقد شقيقها وظيفته بعد ضم صوته لصوتها، كما أن والدتها لم تراها منذ عام 2000.
وقالت إيروم ساخي، أم شارميلا، لمراسل القناة "أنها ترفض زيارة ابنتها لأنها قد تستسلم عند رؤية الحنين والشوق والألم في عينيها "أنا لا أريدها أن تفقد عزيمتها وعليها أن تفوز في هذه المعركة لتحسين الوضع الإنساني".
أما السلطات الهندية فلم تعر أي اهتمام لقضية شارميلا رغم المضاعفات الصحية التي تعرضت لها خلال الـ12 سنة الماضية، واكتفت بالإعلان على لسان وزير الدفاع عام 2006، أن سحب قوات الأمن الخاصة أمر مستحيل لأن الجيش لا يمكنه العمل بشكل صحيح في غياب هذه القوات.
وفي هذه الأثناء، تستمر شارميلا في خوض أطول احتجاج سياسي في التاريخ.